القائمة الرئيسية

الصفحات

    


    نزفتِ السماء نجما وحيدا، يتربّع وسطَها المشقوق برعود الهياج النافر، ويلعب على أوتار سوادها القاتم. كانتِ الأجواءُ باردةً، تزفرُ ريحًا حادّة تصفع النوافذَ، وزمهريرا يُرعِّد الجلودَ وينفذ إلى أعماق النفوس. لم تتعرَّ السماء الكالحة من كامل ملابسها حتى عوتِ الذئاب من الغابة المُجاورة، راميةً نعيقها المُرعِب في القلوب المشقُوقة بسكاكين الغياب والهِجران. كان من العجيب جدّا أن يمشط إنسيٌّ ما ذلك الشارع الملعُون في بدايات الغَسق، وهذا بغضّ النظر عن وجود عالم ثانٍ، يحمل في جَعبته شتّى الغرائب الروحانيّة، كالجنّ والسحرة، والتعويذات العجائبيّة التي تصنع خطّا حادّا من النفير في قلوب البشر المساكين، الذين يخافون من ظلالهم الخائنة. وكما شهد التاريخ، في كلّ فصل من فصوله السوداء تقريبا، وجود من ينشُز عن قاعدة الأمور العاديّة، التي يعشقها العاديّون، ويحبّذون الغرق في تفاصيلها الواهية؛ شهِد هذا الكائن الأسطوريّ الذي يحفظ كلّ حدث، وقوع بعض القصص المتداوَلة عبره من شخص إلى آخرَ، على مرّ زمن سحيق، حتّى ورثتها الأجيال فيما بعدُ، غير تاركة إيّاها مرتاحة؛ قصصٌ سعيدة وأخرى مرعبة، وثالثة تُسيِّح اللعاب اللزج نتيجة الإثارة الغامضة، والمتعة المرجوّة. وَلْيَكُن هذا الإسهاب ساذَجا من راوٍ مملٍّ يُحاول رواية شيئٍ قديم، كان ولا زال يُلهِم الجدّات التعيسات على إحداث بعض الاهتمام في جلسات الأمسيّات العائليّة. شيئ عتيق، بَرهن على أنّ البشر قد يُلفِّقون الحقائق،  ربّما من أجل المُتعة فقط.

     يُمكنك إكمال مطالعة القصّة القصيرة (PDF) من هُنا: بيتُ الغُفران PDF.

هل اعجبك الموضوع :
author-img
مُجرّدُ شخصٍ كانَ، ولا زال يُكافِح من أجلِ أن يكون.

تعليقات